• ×
الإثنين 20 أكتوبر 2025 | 10-19-2025

المملكة تحقق قفزات غير مسبوقة في الاستكشاف التعديني مؤكدة ريادتها وأنها وجهة عالمية في قطاع التعدين

المملكة تحقق قفزات غير مسبوقة في الاستكشاف التعديني مؤكدة ريادتها وأنها وجهة عالمية في قطاع التعدين
0
0
واس حققت المملكة تطورًا نوعيًّا غير مسبوق في الاستكشاف التعديني خلال السنوات الأربع الماضية، جعلها واحدة من أسرع الدول نموًا في هذا المجال على مستوى العالم، وأسهم في تعزيز موقعها مركزًا عالميًا واعدًا للمعادن، ويأتي هذا الإنجاز في إطار تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030؛ ليصبح قطاع التعدين الركيزة الثالثة للاقتصاد والصناعة الوطنية، من خلال بناء منظومة تعدينية متكاملة تعزز الاستثمار والاستدامة وتدعم سلاسل القيمة الصناعية في مختلف مناطق المملكة.
وكشف تقريرالاستكشاف التعديني في المملكة، الصادر عن وزارة الصناعة والثروة المعدنية، عن تطور الإنفاق على أنشطة الاستكشاف التعديني خلال الفترة من 2020 إلى 2024، والنمو الاستثنائي المدفوع بزيادة كبيرة في استثمارات القطاع الخاص والاستثمارات الأجنبية، وارتفاع كفاءة البرامج الحكومية، وتوسع جولات التراخيص التي أسهمت في استقطاب مزيد من المستثمرين المحليين والدوليين، بما يعكس الثقة المتزايدة في بيئة الاستثمار التعديني في المملكة.
وبيَّن التقرير أن الإنفاق على الاستكشاف في المملكة ارتفع بأكثر من خمسة أضعاف خلال الفترة من عام 2020 حتى عام 2024، ليصل إلى نحو (1.05) مليار ريال وهو أعلى مستوى في تاريخ المملكة، حيث جاءت هذه الزيادة نتيجة النمو الكبير في استثمارات القطاع الخاص التي ارتفعت بنسبة (397%) لتبلغ (770) مليون ريال في عام 2024، مقارنة بـ(155) مليون ريال في 2020، فيما ارتفع الإنفاق الحكومي بنحو (16) ضعفًا، ليصل إلى (180) مليون ريال في عام 2024، مقارنة بـ(11) مليون ريال في 2020، وهو ما يعكس التحول الكبير في هيكل القطاع، إذ أصبح القطاع الخاص المحرك الرئيس للإنفاق والنشاط الاستكشافي في ظل بيئة تنظيمية محفزة ومبادرات حكومية داعمة للاستثمار المستدام في التعدين.
وارتفع الإنفاق على الاستكشاف إلى (539) ريالًا لكل كيلومتر مربع في عام 2024، مقارنة بـ(105) ريالات فقط في عام 2020، لتتقدم المملكة من المرتبة العشرين إلى المرتبة الثانية عشرة عالميًّا في هذا المؤشر، محققة معدل نمو سنوي يقارب (50%) خلال أربع سنوات، وهي من أعلى نسب النمو المسجلة عالميًّا.
كما تميزت المملكة بتركيزها على المراحل المبكرة من الاستكشاف، حيث وجَّهت أكثر من (70%) من إنفاقها نحو مشاريع في المناطق الجديدة (التي لم تستكشف من قبل) والمناطق التي لا تحتوي أصلًا على نشاط تعديني أو تمعدن معروف، وهي أعلى نسبة بين (21) دولة مشمولة في المقارنة العالمية، مما يؤكد التزام المملكة بتوسيع قاعدة مواردها المعدنية المكتشفة واستكشاف مناطق جديدة واعدة بالثروات الطبيعية.
وعلى صعيد الشركات العاملة، ارتفع عدد شركات الاستكشاف النشطة من (6) شركات في عام 2020 إلى (226) شركة في عام 2024، أي بنمو يزيد على (36) ضعفًا، في حين ارتفع عدد الرخص النشطة إلى (841) رخصة حتى مطلع عام 2025، مقارنةً بـ(500) رخصة في عام 2020، أي بنمو يقدَّر بنحو (68%).
كما بقي إجمالي المساحة الخاضعة للاستكشاف مستقرًّا نسبيًّا خلال الأعوام الأخيرة، إذ ارتفع من (38) ألف كيلومتر مربع في عام 2020 إلى نحو (42) ألف كيلومتر مربع في عام 2025، ما يعكس تركيز الجهود الحالية على التعمق في الدراسات الفنية ضمن المناطق القائمة بدلًا من التوسع الأفقي في مناطق جديدة، بما يسهم في رفع كفاءة عمليات الاستكشاف وتعزيز جودة المخرجات الجيولوجية.
كما أوضح التقرير أنه من خلال جولات التراخيص الثمانية التي بدأت من العام 2022، التزمت شركات الاستكشاف بقيمة مالية قياسية تجاوزت (1.2) مليار ريال على أنشطة الاستكشاف، مع توسع كبير في عدد المواقع المطروحة الذي ارتفع من موقع واحد في الجولة الأولى إلى (29) موقعًا في الجولة التاسعة التي أُطلقت في عام 2025.
كما شهد قطاع الاستكشاف التعديني اهتمامًا واسعًا من كبرى الشركات والتحالفات العالمية، إذ بلغت نسبة المستثمرين في قطاع التعدين من الشركات والتحالفات الأجنبية نحو (66%)، مقابل (34%) من المستثمرين المحليين، وهو ما يعكس ثقة المستثمرين الدوليين في البيئة الاستثمارية والتنظيمية التي وفرتها المملكة.
وتنوعت الدول المشاركة بين كندا وأستراليا والمملكة المتحدة والصين والهند وإندونيسيا.
وشهدت جهود القطاع الخاص في مجال الاستكشاف نموًّا ملحوظًا، مما يعكس التزام الشركات العاملة بتوسيع نطاق عملياتها وتعزيز استثماراتها في هذا المجال الحيوي.
وجاء نشاط الحفر في مقدمة بنود الإنفاق، مرتفعًا من (152) مليون ريال في عام 2023 إلى (230) مليون ريال في عام 2024.
كما ارتفع الإنفاق على الاختبارات المعملية بشكل لافت، ليبلغ (81) مليون ريال في عام 2024 مقارنةً بـ(21) مليون ريال في العام السابق، أي ما يقارب أربعة أضعاف، إلى جانب مصروفات أخرى شملت الدراسات الفنية، وأعمال المسح ورسم الخرائط، والنفقات التشغيلية، والالتزامات البيئية (ESG)، في تأكيدٍ على تنوع أنشطة القطاع الخاص واتساع دوره في تطوير منظومة الاستكشاف الجيولوجي بالمملكة.
ويعكس الإطار العام للإنفاق الاستكشافي في المملكة تكامل الجهود بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص، بقيادة هيئة المساحة الجيولوجية السعودية التي تطوِّر قاعدة بيانات وطنية شاملة عبر البرنامج الجيولوجي الإقليمي (RGP) وبرنامج الاستكشاف المسرع (AEP) لتحديد الإمكانات المعدنية وتسريع جمع وتحليل البيانات.
وتشمل المنظومة أيضًا إنفاق الشركات الحاصلة على تراخيص الاستكشاف بمختلف مراحلها من الدراسات الأولية إلى دراسات الجدوى، إضافةً إلى الاستكشاف قرب المناجم (Near-Mine Exploration) الذي يهدف إلى توسيع نطاق الموارد المعدنية الحالية وزيادة كفاءة المناجم القائمة، بما يعكس شراكة فاعلة بين الحكومة والمستثمرين المحليين والدوليين لتعزيز مكانة المملكة كمركز عالمي للاستكشاف والتعدين.
وأظهرت بيانات الإنفاق على الاستكشاف في المملكة توجهًا متزايدًا نحو مشروعات المرحلة المتقدمة (Brownfield)، التي استحوذت على الحصة الأكبر بقيمة (349) مليون ريال سعودي، مما يعكس التركيز على تطوير المناطق ذات التمعدنات المعروفة وتوسيع نطاق الموارد مع خفض المخاطر الجيولوجية.
في حين شكَّل الإنفاق على مشاريع المرحلة المبكرة (Greenfield)، خلال الفترة من 2020 إلى 2024، النسبة الأكبر من إجمالي الإنفاق الاستكشافي، إلا أن المرحلة المتقدمة سجلت نموًّا لافتًا في عام 2024 لترتفع حصتها من (19%) في عام 2023 إلى (33%) في عام 2024، في مؤشر على نضج بيئة الاستكشاف في المملكة وتطورها نحو مراحل أكثر تقدمًا واستدامة.
ومن الناحية الجيولوجية، تمتلك المملكة قاعدة موارد معدنية ثرية تضم (933) موقعًا استكشافيًّا في مراحل تقييم مختلفة داخل رخص الكشف الصادرة، تشمل (691) موقعًا للذهب والمعادن المصاحبة و(242) موقعًا لمعادن الأساس كالزنك والنحاس.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن حجم الإمكانات المعدنية للذهب ومعادن الأساس يبلغ نحو (67) مليون أوقية من الذهب و(3.87) ملايين طن من النحاس و(5.24) ملايين طن من الزنك، في حين بلغت الاحتياطيات التعدينية منها نحو (12) مليون أوقية من الذهب و(60) ألف طن من النحاس و(33) ألف طن من الزنك، وتعكس هذه الأرقام ثراء القطاع بالمعادن، وتؤكد قدرة المملكة على أن تكون لاعبًا محوريًّا في سلاسل الإمداد العالمية في مجالات الطاقة النظيفة والصناعات التحويلية.
وفي هذا السياق، قال معالي نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين، المهندس خالد بن صالح المديفر: إن ما نشهده اليوم هو تحول نوعي غير مسبوق في منظومة الاستكشاف التعديني بالمملكة، نتيجة لبيئة تشريعية وتنظيمية رائدة، وبرامج وطنية مكثفة، وشراكات دولية مبنية على الشفافية والاستدامة.
وأضاف معاليه: "لقد أصبحت المملكة اليوم في مقدمة الدول الأكثر جذبًا للاستثمار في التعدين، ليس فقط بفضل حجم مواردها، بل لقدرتها على إدارة هذه الموارد بكفاءة وموثوقية عالية.. إننا نسير بخطى ثابتة نحو تحقيق مستهدفات رؤية 2030، حيث يصبح التعدين الركيزة الثالثة للاقتصاد الوطني، ومحركًا رئيسًا للنمو الصناعي والتنمية المستدامة".
ويؤكد التقرير الصادر عن وزارة الصناعة والثروة المعدنية على أن النجاحات التي تحققت في الاستكشاف التعديني خلال الأعوام الماضية لم تكن مصادفة، بل نتيجة لتكامل السياسات الحكومية، وكفاءة تنفيذ البرامج، والتفاعل الإيجابي من المستثمرين المحليين والدوليين، كما يشير إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد إطلاق مزيد من المبادرات لتعميق قاعدة المعرفة الجيولوجية الوطنية، وتسريع وتيرة التحول من الاكتشاف إلى الإنتاج، بما يعزز موقع المملكة مركزًا عالميًّا موثوقًا لتوريد المعادن الية ويدعم الاقتصاد الوطني لعقود قادمة.
يذكر أن قطاع التعدين في المملكة شهد قفزة نوعية في جاذبية الاستثمار، وفقًا لتقرير معهد فريزر الكندي لعام 2024، حيث تقدمت المملكة من المرتبة (104) إلى المرتبة (23) عالميًّا خلال العقد الأخير، متفوقةً على العديد من الوجهات التعدينية البارزة في آسيا وأمريكا اللاتينية.
وأكد التقرير تصدر المملكة قائمة الدول الأسرع تقدمًا عالميًّا في تطور البيئة الاستثمارية (2018–2023)، وحصولها على المرتبة الثانية عالميًّا في مؤشر بيئة منح الرخص التعدينية، ودخولها ضمن أفضل (10) دول في السياسات المالية الخاصة بالتعدين، إلى جانب تقدمها في مؤشر البنية التشريعية والتنظيمية لتصبح من بين أفضل دول العالم في الأطر التشريعية، وذلك يعكس الثقة الدولية المتزايدة في البيئة الاستثمارية للمملكة، ويؤكد مكانتها قوة صاعدة في قطاع التعدين العالمي.