إسرائيل تعمق الحصار المالي على الفلسطينيين باحتجازها أموال "المقاصة"

08-20-2025 11:23 صباحاً
0
0
وكالات نشرت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا"، اليوم الأربعاء، بالتعاون مع اتحاد وكالات الأنباء العربية "فانا"، تقريراً اقتصادياً، بعنوان "إسرائيل تعمق الحصار المالي على الفلسطينيين باحتجازها أموال "المقاصة" كافة جاء فيه :
للشهر الثالث على التوالي، تحتجز حكومة الاحتلال الإسرائيلي جميع عائدات الضرائب الفلسطينية (المقاصة)، في ظل حصار مالي خانق تفرضه على الشعب الفلسطيني، بالتوازي مع حرب الإبادة الجماعية التي تشنها في قطاع غزة، وعدوانها المتواصل على الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، زادت حكومة الاحتلال الاقتطاعات غير القانونية من عائدات الضرائب الفلسطينية، إلا أنه ولأول مرة يتم احتجاز تلك العائدات لثلاثة أشهر متتالية دون تحويلها للخزينة الفلسطينية.
وحدد بروتوكول باريس الاقتصادي الموقع عام 1994، العلاقة الاقتصادية بين إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية ومن أبرز بنوده قيام إسرائيل بجباية الجمارك والضرائب المختلفة للسلع المستوردة للأراضي الفلسطينية، كون إسرائيل تسيطر على المعابر والحدود، وبالتالي فإنها تسيطر على كل الصادرات والواردات الفلسطينية التي يجب أن تمر عبرها.
وينص البروتوكول الاقتصادي على اقتطاع 3% من أموال الضرائب لصالح إسرائيل (كعمولة إدارية) وتسليم تلك الإيرادات للسلطة الوطنية الفلسطينية على أساس تقاص شهري، علما أنها تشكّل حوالي 65% من إجمالي الإيرادات العامة.
ورغم ارتفاع القيمة الاسمية لإيرادات المقاصة من حوالي 1.7 مليار دولار أميركي عام 2013 إلى 3.2 مليار دولار عام 2023، إلا أن حكومة الاحتلال استخدمت تلك العائدات كأدة سياسية لفرض حصار مالي على الحكومة والشعب الفلسطيني، ونتيجة لذلك، تواجه الحكومة الفلسطينية وضعا ماليا خطيرا زاد من تفاقمه تراجع الأنشطة الاقتصادية الشاملة، بما فيها التجارة الخارجية، والانخفاض الحاد في الدعم المالي الذي يقدمه المانحون لموازنة الحكومة في السنوات الأخيرة.
ووفقا للمعطيات الرسمية، تواصل حكومة الاحتلال احتجاز حوالي 9.5 مليار شيقل بشكل غير قانوني من الأموال الفلسطينية منذ عام 2019، بما في ذلك الخصومات الإسرائيلية من رسوم المعابر الحدودية (مبلغ تراكمي يقدّر بحوالي 250 مليون دولار أميركي مستحق)، لزيادة الرسوم منذ عام 2008.
وتقتطع حكومة الاحتلال سنويا ما يزيد على مليار شيقل (حوالي 270 مليون دولار) من عائدات المقاصة بحجة تغطية فواتير الكهرباء والمياه، خاصة في قطاع غزة، علما أنه لا توجد آلية تدقيق قوية للتحقق من صحة ودقة فواتير الخدمات هذه، وخلافا للاتفاقيات الموقعة، يتم اقتطاع أموال أخرى غير محددة ترفض حكومة الاحتلال الكشف عنها.
كما تواصل حكومة الاحتلال اقتطاع مبالغ من إيرادات المقاصة تقدّر بنحو 500 مليون شيقل (نحو 136.6 مليون دولار أميركي) شهريا، توازي مخصصات الرعاية الاجتماعية للمعتقلين وأسر الشهداء، وحصة غزة، وفواتير الكهرباء والمياه، وغيرها، ما ضاعف العبء المالي على موازنة الحكومة.
ومنذ نوفمبر 2021، تصرف الحكومة الفلسطينية أجورًا منقوصة لموظفيها، بسبب الأزمة المالية الحادة الناتجة عن زيادة الاقتطاعات الإسرائيلية من أموال المقاصة، وتراجع وتيرة المنح الخارجية.
وبحسب مراقبين، يهدد استمرار احتجاز أموال المقاصة التي تشكّل أكثر من ثلثي إيرادات الدولة، قدرة المؤسسات الحكومية على الإيفاء بالتزاماتها المالية تجاه مختلف القطاعات الحيوية، خصوصا القطاع الصحي وما يعانيه من نقص في الأدوية والمستلزمات الطبية، الأمر الذي يهدد بشلل القطاع الصحي، إضافة إلى تقويض قدرة باقي المؤسسات (التعليم والحماية الاجتماعية وغيرهما) على أداء واجباتها، إلى جانب مؤشرات خطيرة مثل تصاعد مستويات الفقر والبطالة وانعكاسات ذلك على السلم الأهلي والمجتمعي والاستقرار الداخلي.
مجلس الوزراء، حذر في جلسة طارئة عقدها الشهر الماضي، من أن استمرار هذا الوضع، وعجز الحكومة عن الإيفاء بالتزاماتها تجاه الموظفين ومختلف القطاعات، سينعكس سلبا على جودة الخدمات، وأداء مهامها المختلفة، الأمر الذي قد يدفع لاتخاذ قرار بإيقاف مؤقت لعمل بعض الدوائر الرسمية وتقليص حاد في دوام الموظفين.
القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، تواصل تحركاتها السياسية والقانونية المكثفة في مختلف دول العالم، خاصة الولايات المتحدة الأميركية كونها موقعة على اتفاق أوسلو، وكذلك فرنسا كدولة مستضيفة لاتفاق باريس، للضغط باتجاه إلزام إسرائيل بتنفيذ الالتزامات الموقعة.
وإلى جانب عملها على استعادة حقوقنا المالية المحتجزة، وتأمين كل ما أمكن من موارد للإيفاء بالالتزامات المالية، خاصة رواتب الموظفين ومختلف القطاعات، اتخذت الحكومة الفلسطينية عدة إجراءات للتخفيف من حدة الأزمة المالية وتنظيم دوام المؤسسات العامة، بما يتلاءم مع التحدي القائم واستمرار تقديم الخدمات.
ولاحقا لذلك، اتخذت الحكومة إجراءات إدارية ومالية من أجل تخفيف العبء على الموظفين العموميين، وهي: ترتيبات تعمل وزارة الحكم المحلي على تنفيذها مع شركات الكهرباء والمياه وهيئات الحكم المحلي. إجراءات تعمل وزارة الاتصالات على تنفيذها مع شركات الاتصالات، وتوجيه الوزراء للعملِ بشكلٍ سريعٍ على ترتيباتٍ من أجلِ تَخفيفِ أعباء تنقُل الموظفين إلى مراكز عَمَلِهم بِما لا يُؤثر سلبًا على تَقديم الخدمات للمواطنين، واستمرار عمل المؤسسات كافة، والعديد من الإجراءات التقشفية، والإصلاحات المستمرة بهدف تخفيض النفقات وترشيدها، وآخرها بخصوص التحويلات الطبية للداخل.
وزارة المالية وبدعم من خبراء ماليين مُتخَصصين تَعمل على إعداد مُتطلبات إصدار سَنَدات سيادية من أجل توفير مَصادِرَ مالية من مستثمرين من ناحية، بما في ذلك البنوك وشركات الاستثمار ومُقدّمو الخدمات والمواطنون. وقد تُمثِّل هذه الخطوة، حال إنجازها، أحد الحلول المُمكِنَة لتسديد ديون المُورِّدين والمُوَظفين.
وبالتوازي مع ذلك كله، تعمل الحكومة على مسارات أخرى، كتَحسين الترتيبات على المَعابر لضمان حرية الحركة والسفر للمواطنين بكرامة، ومُحاربة التهريب على المَعابر، ومحاربة التَهرُّب الضريبي الذي أثقل على الخزينة، ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تحقيق زيادة في العائدات المحلية خلال الأشهر المقبلة.
ويشير الخبير في المالية العامة مؤيد عفانة لـ"وفا" إلى أن الخيارات صعبة جدا في ظل احتجاز إسرائيل لكافة إيرادات المقاصّة منذ شهر أيار الماضي، وأنه لم يتبقَ للحكومة الفلسطينية سوى الإيرادات المحلية والمنح والمساعدات الخارجية كموارد للخزينة العامة، منوها إلى أن الإيرادات المحلية تراجعت بسبب انكماش دورة الاقتصاد ككل، وتبلغ حاليا بالمعدل حوالي 250 مليون شيقل شهريا، في حين يشهد الدعم الخارجي تراجعا كبيرا، وبالمحصلة فإن الإيرادات المتاحة دون المقاصّة لا تكفي بأي حال من الأحوال للنفقات الأساسية ونسبة الـ70% من الراتب، التي تبلغ 890 مليون شيقل.
ويضيف عفانة أن تفكير الحكومة بالسندات الحكومية أمر جيد، ولكنها بحاجة لأمد طويل لجني ثمارها، إلى جانب أنها بحاجة لإطار تشريعي وفني لها لأنه لم يسبق للحكومة العمل بها، وبالتالي لن تجدي أكلها خلال الوقت الحالي.
ويوضح أن الحكومة الفلسطينية استنفذت الإجراءات الفنية لتوليد الإيرادات، فتم عمليا ضبط صافي الإقراض من خلال جهود وحدة صافي الإقراض في وزارة المالية بالتعاون مع الجهات ذات الصلة، وتم إجراء تسويات مع شركات توزيع الكهرباء الخمس، ومع حوالي 95 هيئة محلية، وبلغت قيمة هذه التسويات المالية حوالي 600 مليون شيقل لصالح الخزينة العامة، وتم جدولة دفعها، عدا عن الحد من النزيف القائم في ملف صافي الإقراض، كذلك بلغت الحكومة الحد الأعلى من الاقتراض البنكي، بسبب تراكم الديون والاقتراض، خاصّة القرض المجمع في نهاية عام 2023، واستحقاق زمن السداد، إضافة الى تكاليف شهرية تتعلق بدعم الوقود، والنفقات التشغيلية الأساسية مثل موردي الأدوية والتحويلات الطبية وغيرها، وعمليا بلغ الدين العام والالتزامات الحكومية حوالي 13 مليار دولار.
ويضيف: لا توجد حلول فنية بديلة للاستعاضة عن إيرادات المقاصة، وأضحت أن هناك ضرورة ملحّة لإطلاق حملة دولية بمسارات سياسية وقانونية ودبلوماسية تجاه تحصيل إيرادات المقاصّة، وفي ذات الوقت تفعيل شبكة الأمان العربية، لتعويض الخزينة العامة عن الإيرادات المحتجزة، إضافة إلى حث دول العالم لتقديم دعم طارئ للسلطة الوطنية الفلسطينية أو قروض طويلة الأجل، فالأزمة المالية جدّ عميقة، وتهدد الكينونة الفلسطينية، وتنذر بانهيار بنيوي، ما لم يتم تداركها.
للشهر الثالث على التوالي، تحتجز حكومة الاحتلال الإسرائيلي جميع عائدات الضرائب الفلسطينية (المقاصة)، في ظل حصار مالي خانق تفرضه على الشعب الفلسطيني، بالتوازي مع حرب الإبادة الجماعية التي تشنها في قطاع غزة، وعدوانها المتواصل على الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، زادت حكومة الاحتلال الاقتطاعات غير القانونية من عائدات الضرائب الفلسطينية، إلا أنه ولأول مرة يتم احتجاز تلك العائدات لثلاثة أشهر متتالية دون تحويلها للخزينة الفلسطينية.
وحدد بروتوكول باريس الاقتصادي الموقع عام 1994، العلاقة الاقتصادية بين إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية ومن أبرز بنوده قيام إسرائيل بجباية الجمارك والضرائب المختلفة للسلع المستوردة للأراضي الفلسطينية، كون إسرائيل تسيطر على المعابر والحدود، وبالتالي فإنها تسيطر على كل الصادرات والواردات الفلسطينية التي يجب أن تمر عبرها.
وينص البروتوكول الاقتصادي على اقتطاع 3% من أموال الضرائب لصالح إسرائيل (كعمولة إدارية) وتسليم تلك الإيرادات للسلطة الوطنية الفلسطينية على أساس تقاص شهري، علما أنها تشكّل حوالي 65% من إجمالي الإيرادات العامة.
ورغم ارتفاع القيمة الاسمية لإيرادات المقاصة من حوالي 1.7 مليار دولار أميركي عام 2013 إلى 3.2 مليار دولار عام 2023، إلا أن حكومة الاحتلال استخدمت تلك العائدات كأدة سياسية لفرض حصار مالي على الحكومة والشعب الفلسطيني، ونتيجة لذلك، تواجه الحكومة الفلسطينية وضعا ماليا خطيرا زاد من تفاقمه تراجع الأنشطة الاقتصادية الشاملة، بما فيها التجارة الخارجية، والانخفاض الحاد في الدعم المالي الذي يقدمه المانحون لموازنة الحكومة في السنوات الأخيرة.
ووفقا للمعطيات الرسمية، تواصل حكومة الاحتلال احتجاز حوالي 9.5 مليار شيقل بشكل غير قانوني من الأموال الفلسطينية منذ عام 2019، بما في ذلك الخصومات الإسرائيلية من رسوم المعابر الحدودية (مبلغ تراكمي يقدّر بحوالي 250 مليون دولار أميركي مستحق)، لزيادة الرسوم منذ عام 2008.
وتقتطع حكومة الاحتلال سنويا ما يزيد على مليار شيقل (حوالي 270 مليون دولار) من عائدات المقاصة بحجة تغطية فواتير الكهرباء والمياه، خاصة في قطاع غزة، علما أنه لا توجد آلية تدقيق قوية للتحقق من صحة ودقة فواتير الخدمات هذه، وخلافا للاتفاقيات الموقعة، يتم اقتطاع أموال أخرى غير محددة ترفض حكومة الاحتلال الكشف عنها.
كما تواصل حكومة الاحتلال اقتطاع مبالغ من إيرادات المقاصة تقدّر بنحو 500 مليون شيقل (نحو 136.6 مليون دولار أميركي) شهريا، توازي مخصصات الرعاية الاجتماعية للمعتقلين وأسر الشهداء، وحصة غزة، وفواتير الكهرباء والمياه، وغيرها، ما ضاعف العبء المالي على موازنة الحكومة.
ومنذ نوفمبر 2021، تصرف الحكومة الفلسطينية أجورًا منقوصة لموظفيها، بسبب الأزمة المالية الحادة الناتجة عن زيادة الاقتطاعات الإسرائيلية من أموال المقاصة، وتراجع وتيرة المنح الخارجية.
وبحسب مراقبين، يهدد استمرار احتجاز أموال المقاصة التي تشكّل أكثر من ثلثي إيرادات الدولة، قدرة المؤسسات الحكومية على الإيفاء بالتزاماتها المالية تجاه مختلف القطاعات الحيوية، خصوصا القطاع الصحي وما يعانيه من نقص في الأدوية والمستلزمات الطبية، الأمر الذي يهدد بشلل القطاع الصحي، إضافة إلى تقويض قدرة باقي المؤسسات (التعليم والحماية الاجتماعية وغيرهما) على أداء واجباتها، إلى جانب مؤشرات خطيرة مثل تصاعد مستويات الفقر والبطالة وانعكاسات ذلك على السلم الأهلي والمجتمعي والاستقرار الداخلي.
مجلس الوزراء، حذر في جلسة طارئة عقدها الشهر الماضي، من أن استمرار هذا الوضع، وعجز الحكومة عن الإيفاء بالتزاماتها تجاه الموظفين ومختلف القطاعات، سينعكس سلبا على جودة الخدمات، وأداء مهامها المختلفة، الأمر الذي قد يدفع لاتخاذ قرار بإيقاف مؤقت لعمل بعض الدوائر الرسمية وتقليص حاد في دوام الموظفين.
القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، تواصل تحركاتها السياسية والقانونية المكثفة في مختلف دول العالم، خاصة الولايات المتحدة الأميركية كونها موقعة على اتفاق أوسلو، وكذلك فرنسا كدولة مستضيفة لاتفاق باريس، للضغط باتجاه إلزام إسرائيل بتنفيذ الالتزامات الموقعة.
وإلى جانب عملها على استعادة حقوقنا المالية المحتجزة، وتأمين كل ما أمكن من موارد للإيفاء بالالتزامات المالية، خاصة رواتب الموظفين ومختلف القطاعات، اتخذت الحكومة الفلسطينية عدة إجراءات للتخفيف من حدة الأزمة المالية وتنظيم دوام المؤسسات العامة، بما يتلاءم مع التحدي القائم واستمرار تقديم الخدمات.
ولاحقا لذلك، اتخذت الحكومة إجراءات إدارية ومالية من أجل تخفيف العبء على الموظفين العموميين، وهي: ترتيبات تعمل وزارة الحكم المحلي على تنفيذها مع شركات الكهرباء والمياه وهيئات الحكم المحلي. إجراءات تعمل وزارة الاتصالات على تنفيذها مع شركات الاتصالات، وتوجيه الوزراء للعملِ بشكلٍ سريعٍ على ترتيباتٍ من أجلِ تَخفيفِ أعباء تنقُل الموظفين إلى مراكز عَمَلِهم بِما لا يُؤثر سلبًا على تَقديم الخدمات للمواطنين، واستمرار عمل المؤسسات كافة، والعديد من الإجراءات التقشفية، والإصلاحات المستمرة بهدف تخفيض النفقات وترشيدها، وآخرها بخصوص التحويلات الطبية للداخل.
وزارة المالية وبدعم من خبراء ماليين مُتخَصصين تَعمل على إعداد مُتطلبات إصدار سَنَدات سيادية من أجل توفير مَصادِرَ مالية من مستثمرين من ناحية، بما في ذلك البنوك وشركات الاستثمار ومُقدّمو الخدمات والمواطنون. وقد تُمثِّل هذه الخطوة، حال إنجازها، أحد الحلول المُمكِنَة لتسديد ديون المُورِّدين والمُوَظفين.
وبالتوازي مع ذلك كله، تعمل الحكومة على مسارات أخرى، كتَحسين الترتيبات على المَعابر لضمان حرية الحركة والسفر للمواطنين بكرامة، ومُحاربة التهريب على المَعابر، ومحاربة التَهرُّب الضريبي الذي أثقل على الخزينة، ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تحقيق زيادة في العائدات المحلية خلال الأشهر المقبلة.
ويشير الخبير في المالية العامة مؤيد عفانة لـ"وفا" إلى أن الخيارات صعبة جدا في ظل احتجاز إسرائيل لكافة إيرادات المقاصّة منذ شهر أيار الماضي، وأنه لم يتبقَ للحكومة الفلسطينية سوى الإيرادات المحلية والمنح والمساعدات الخارجية كموارد للخزينة العامة، منوها إلى أن الإيرادات المحلية تراجعت بسبب انكماش دورة الاقتصاد ككل، وتبلغ حاليا بالمعدل حوالي 250 مليون شيقل شهريا، في حين يشهد الدعم الخارجي تراجعا كبيرا، وبالمحصلة فإن الإيرادات المتاحة دون المقاصّة لا تكفي بأي حال من الأحوال للنفقات الأساسية ونسبة الـ70% من الراتب، التي تبلغ 890 مليون شيقل.
ويضيف عفانة أن تفكير الحكومة بالسندات الحكومية أمر جيد، ولكنها بحاجة لأمد طويل لجني ثمارها، إلى جانب أنها بحاجة لإطار تشريعي وفني لها لأنه لم يسبق للحكومة العمل بها، وبالتالي لن تجدي أكلها خلال الوقت الحالي.
ويوضح أن الحكومة الفلسطينية استنفذت الإجراءات الفنية لتوليد الإيرادات، فتم عمليا ضبط صافي الإقراض من خلال جهود وحدة صافي الإقراض في وزارة المالية بالتعاون مع الجهات ذات الصلة، وتم إجراء تسويات مع شركات توزيع الكهرباء الخمس، ومع حوالي 95 هيئة محلية، وبلغت قيمة هذه التسويات المالية حوالي 600 مليون شيقل لصالح الخزينة العامة، وتم جدولة دفعها، عدا عن الحد من النزيف القائم في ملف صافي الإقراض، كذلك بلغت الحكومة الحد الأعلى من الاقتراض البنكي، بسبب تراكم الديون والاقتراض، خاصّة القرض المجمع في نهاية عام 2023، واستحقاق زمن السداد، إضافة الى تكاليف شهرية تتعلق بدعم الوقود، والنفقات التشغيلية الأساسية مثل موردي الأدوية والتحويلات الطبية وغيرها، وعمليا بلغ الدين العام والالتزامات الحكومية حوالي 13 مليار دولار.
ويضيف: لا توجد حلول فنية بديلة للاستعاضة عن إيرادات المقاصة، وأضحت أن هناك ضرورة ملحّة لإطلاق حملة دولية بمسارات سياسية وقانونية ودبلوماسية تجاه تحصيل إيرادات المقاصّة، وفي ذات الوقت تفعيل شبكة الأمان العربية، لتعويض الخزينة العامة عن الإيرادات المحتجزة، إضافة إلى حث دول العالم لتقديم دعم طارئ للسلطة الوطنية الفلسطينية أو قروض طويلة الأجل، فالأزمة المالية جدّ عميقة، وتهدد الكينونة الفلسطينية، وتنذر بانهيار بنيوي، ما لم يتم تداركها.