• ×
الأحد 20 يوليو 2025 | 07-19-2025

بعيداً عن فرض رغباتنا .. كيف نُنمّي هوايات الأبناء ؟

بعيداً عن فرض رغباتنا .. كيف نُنمّي هوايات الأبناء ؟
0
0
الآن - يتكالب الآباء في وقتنا الحاضر على تأمين أفضل الفرص لأبنائهم، وكثيرًا ما تُفرض اختيارات الكبار على الصغار تحت شعارات مثل “هذا لمصلحتك”، أو “نحن نعرف ما يناسبك”.
لكن، هل تمنح هذه الرغبات المؤطرة مجالًا حقيقيًا لاكتشاف الطفل لذاته وتنمية هواياته الفطرية؟

الحقيقة التي يغفلها كثيرون، أن الهوايات ليست رفاهية، بل هي عنصر أساسي في تشكيل شخصية الطفل، وتعزيز ثقته بنفسه، وتطوير قدراته بشكل متوازن.
ومن هنا تبرز أهمية منح الأبناء المساحة اللازمة لتجربة ما يحبونه، لا ما يُحبّه آباؤهم.

الخطوة الأولى نحو تنمية الهوايات تبدأ بالإنصات ، لا يمكن للطفل أن يُنمي شغفه في بيئة لا تُصغي لرغباته، أو تستخف بميوله.
حين نمنح أبناءنا أُذنًا مصغية، ونُظهر احترامنا لخياراتهم مهما بدت بسيطة أو مختلفة، فإننا بذلك نؤسس لبيئة نفسية آمنة تسمح لهم بالاستكشاف والنمو.

في كثير من الأحيان، لا يُفصح الطفل بوضوح عما يحب، لكن سلوكياته اليومية كفيلة بالكشف عن ذلك.
الطفل الذي يُكثر من تركيب المكعبات، أو يُعيد ترتيب ألعابه باستمرار، قد يكون ميّالًا للهندسة أو التصميم ، والطفلة التي تستمتع بتقليد الشخصيات أو التمثيل قد تحمل في داخلها فنانة موهوبة. دورنا هنا هو أن نُلاحظ لا أن نُلقّن.

علينا أن نعي جيداً أنه لا يمكن تنمية الهواية في بيئة قائمة على المقارنة أو التوقعات العالية ، فمن المهم أن نتيح للطفل تجربة مجالات متعددة دون أن نُحمّله عبء “التميز السريع”.
فالرسم، والرياضة، والموسيقى، والبرمجة، وحتى الزراعة، قد تكون كلها محطات يمر بها الطفل قبل أن يجد شغفه الحقيقي ، وهنا، لا يُقاس النجاح بمدى التفوق، بل بمدى الاستمتاع.

النقد القاسي أو السخرية من محاولات الطفل الأولى في ممارسة هوايته، كفيل بأن يطفئ الحماسة في قلبه ، بالمقابل، فإن التقدير والتشجيع، حتى على أبسط المحاولات، يفتح أبوابًا واسعة للنمو ، لا بد أن يشعر الطفل أن لديه من يسانده، لا من يُقيّمه.

ولعل أحد أكثر الأخطاء شيوعًا، أن نحاول تشكيل الطفل على صورتنا، أو ندفعه إلى تعويض ما لم نستطع نحن تحقيقه ، الطفل ليس امتدادًا لنا، بل كيان مستقل يحمل ملامح مختلفة، وطموحات لا تُشبهنا بالضرورة ، واحترام هذه الحقيقة هو أول الطريق نحو بناء شخصية متزنة وسعيدة.

الهواية ليست ترفًا، بل مسار لبناء الثقة، وصقل المهارات، وتحقيق التوازن النفسي ، ولن تثمر إلا في بيئة تتيح للطفل حرية التجربة، وتحترم خياراته، وتدعمه بلا شروط.
فلنُحب أبناءنا كما هم، لا كما نريدهم أن يكونوا .