• ×
الأربعاء 20 أغسطس 2025 | 08-19-2025

مصطلح “الهبّة” .. غواية سوق مواقع التواصل!

مصطلح “الهبّة” .. غواية سوق مواقع التواصل!
0
0
الآن - تحوّل مصطلح “الهبّة” مع تسارع الأحداث وتشكّل الاتجاهات برمشة عين إلى مفتاح سحري لفهم ظواهر كثيرة في المشهد الرقمي المعاصر. “الهبّة” – كما تتداولها الألسن اليوم – ليست مجرّد موجة مؤقتة، بل أصبحت عنوانًا لثقافة اجتماعية تفرض نفسها على تفاصيل الحياة اليومية، وتُلقي بظلالها على الوعي الجمعي للمستخدمين.

“الهبّة” في جوهرها، ظاهرة لحظية تشعلها حادثة، صورة، رقصة، تحدٍّ، أو حتى نكتة، فتنفجر انتشارًا وتتحوّل إلى سلوك جماعي مؤقت.
هي ليست بالضرورة منطقية أو ذات مغزى عميق، لكنها مُغرية، وتمنح المنخرطين فيها شعورًا بالانتماء إلى “الآن”، إلى ما هو رائج وما يتصدر الواجهة.

ما يجعل “الهبّة” مغرية هو بساطتها وسرعة تداولها. لا تحتاج إلى جهد معرفي، ولا إلى استعداد طويل. يكفي أن تنقر زر المشاركة أو أن تُقلّد، لتصبح جزءًا من موجة قد تجتاح العالم خلال ساعات.
إنها غواية اللحظة، التي تُلهينا عن العمق وتمنحنا لذة الانتماء المؤقت.
وفي المقابل، هذه الهبّات تصنع سوقًا غير مستقر، مليئًا بالضجيج، يستهلك الانتباه ويُفقدنا التركيز على ما هو أكثر أهمية ، فهي ترفع من شأن التفاعل اللحظي وتهمّش النقاش الجاد، وتمنح الشهرة العابرة لمن يُتقن ركوب الموجة، لا لمن يحمل قيمة أو رؤية.

ولا يمكننا إنكار أن بعض “الهبّات” تحمل طابعًا إيجابيًا أو ترفيهيًا أو حتى توعويًا ، فهناك تحديات شبابية نشرت رسائل بيئية أو إنسانية، وهناك “هبّات” كشفت عن قضايا مجتمعية أو فجّرت نقاشات كانت مسكوتًا عنها ، غير أن الأمر لا يخلو من استغلال تجاري وإعلامي ممنهج، حيث تتحوّل “الهبّة” إلى سلعة في سوق مفتوح، تستغلها العلامات التجارية والمؤثرون لزيادة المتابعين أو بيع المنتجات.

الوعي هو المفتاح ، ليس بالضرورة أن نُقاطع كل ما هو رائج، لكن الأهم أن نسأل: لماذا هذا الرواج؟ ما الذي نشاركه حقًا؟ هل ننخرط في الهبّة لأننا نؤمن بفكرتها، أم فقط لأننا لا نريد أن نبقى خارج السرب؟

والرهان الحقيقي اليوم هو على وعي المستخدم، وقدرته على التمييز بين الترفيه العابر والتأثير العميق .
في زمن “الهبّات”، من السهل أن نكون جزءًا من الصدى، لكن الأهم أن نحافظ على صوتنا الخاص وسط الضجيج .