التطَفُّل .. أداة للبقاء على الصعيد الاجتماعي يعود تاريخها إلى ملايين السنين - دراسة

09-14-2025 11:41 صباحاً
0
0
شغف الإنسان بمراقبة الآخرين والاهتمام بمعرفة شئونهم، سواء من خلال التنصت على الغير وتتبع أحوالهم، أو مشاهدة برامج تليفزيون الواقع، أو متابعة التدوينات على بعض مواقع التواصل الاجتماعي مثل إنستقرام، يتم تفسيره في كثير من الأحيان باعتباره نوعًا من أنواع التطفل .
دراسة حديثة أجريت في الولايات المتحدة تشير إلى أن هذا الدافع ربما يكون في حقيقة الأمر أداة للبقاء على الصعيد الاجتماعي يعود تاريخها إلى ملايين السنين.
ومن أجل التعرف على تاريخ الفضول الاجتماعي لدى الإنسان الأول، أجرت الباحثة لورا لويس اخصائية علم النفس التنموي والمقارن بجامعة كاليفورنيا سانتا باربرا الأمريكية وزملاؤها دراسة على أطفال تتراوح أعمارهم بين أربع وست سنوات، ومجموعة من قرود الشمبانزي البالغة.
وفي إطار التجربة، كان يعرض على الأطفال والقرود مقاطع فيديو يظهر فيها أفراد من نفس النوع سواء بمفردهم أو كمجموعات خلال ممارسة تفاعلات اجتماعية .
وأظهرت النتائج التي نشرتها الدورية العلمية Proceedings of the Royal Society المعنية بالأبحاث العلمية أن الأطفال والقرود على حد سواء كان يهتمون بمشاهدة أقرانهم في خضم التفاعلات الاجتماعية بدلًا من رؤيتهم بشكل فردي، حتى لو كانت مشاهدة المقاطع التي يظهر فيها هؤلاء الأقران بشكل فردي سوف يترتب عليها الحصول على مكافآة.
تقول لويس إن "نتائج هذه التجربة تثبت أن اكتساب المعلومات الاجتماعية ينطوي على أهمية بالنسبة للانسان ورتبة الرئيسيات من الثدييات"، مضيفة في تصريحات لموقع "ساينتفيك أمريكان" المتخصص في الأبحاث العلمية: "كشفت الدراسة أن المعلومات الاجتماعية كانت لها أهميتها أيضًا لأسلافنا الذين عاشوا قبل نحو 25 مليون سنة، وأن جمع المعلومات بشأن الأشخاص المحيطين بنا كان عادة تكيفية للرئيسيات منذ ملايين السنين".
ولاحظ الباحثون نمطا سلوكيا آخر لدى الأطفال وليس لدى القرود، وهي أنه مع تقدم السن، يبدي الفتيان اهتمامًا متزايدًا برؤية مشاهد الصراع الاجتماعي مثل الشجار أو تجاذب اللعب على سبيل المثال، أو عندما يبكي طفل ويصرخ آخر، أما الفتيات، فيتزايد اهتمامهن بالتفاعلات الاجتماعية الإيجابية مثل مشاهد اللعب واللهو أو تمشيط الشعر، ويفترض الباحثون أن هذه النتائج تسلط الضوء على اختلاف أنماط التنشئة الاجتماعية التي يتأثر بها كل نوع والضغوط المقترنة بالنشوء لاسيما لدى البشر.
وخلصت الدراسة إلى أن كل من الأطفال وقرود الشمبانزي يجدون المعلومات الاجتماعية عن الآخرين مجزية، ويستخدمون قدراتهم المعرفية لتهيئة الظروف من أجل الحصول على أكبر قدر من هذه المعلومات وتصنيفها حسب أهميتها، وأن هذه القدرات والمهارات يمكن اكتسابها عن طريق التكيف، وأنها تساعد على اكتساب المهارات الاجتماعية وتعلم آليات اتخاذ القرار وتكوين الروابط الاجتماعية.
وأكَّد الباحثون أن الفضول الاجتماعي له جذور ارتقائية وتنموية عميقة لدى القردة العليا، وربما يكون قد دعم تطور علاقات التعاون بين البشر في المجتمعات ذات السمات الاجتماعية المتطورة.
وركزت دراسة أخرى حديثة نشرتها الدورية العلمية Animal Cognition المعنية بأبحاث القدرات العقلية للحيوان والإنسان على سلوكيات مراقبة الأقران لدى قردة الماكاي ، وتلاحظ أن ذكور وإناث قرود الماكاي تبدي اهتماما أكبر بمشاهدة مواقف التفاعلات المشوبة بالعنف أكثر من التفاعلات السلمية، وأنها ركزت بشكل أكبر على مقاطع الفيديو التي يظهر فيها قرود معروفة لها .
وذكرت رئيسة فريق الدراسة ليسبيث شتيرك اخصائية علم الرئيسيات في جامعة أوتريشت الهولندية أن هذا السلوك الأخير يتشابه مع طريقة اهتمام البشر بالحياة الاجتماعية للأشخاص المعروفين، سواء كانوا من أفراد الأسرة أو الأصدقاء أو الشخصيات العامة المعروفة مثل نجوم السينما.
وأضافت في تصريحات لموقع "ساينتفيك أمريكان" أن الاهتمام بالتفاعلات الاجتماعية المشوبة بالعنف يعكس على الأرجح الاهتمام بمتابعة التغيرات في موازين القوة والهيمنة في المحيط الاجتماعي للشخص والتعرف على أي مؤشرات تعكس التهديدات المحتملة .
وأشارت إلى أن هذا الاهتمام يظهر لدى البشر في متابعة أحداث الصراعات على وسائل الاعلام، وأكدت أن "متابعة موازين القوى داخل الدائرة الخاصة بكل شخص لها أهمية كبيرة بالنسبة للرئيسيات بما في ذلك البشر".
ويقول الباحث جيليان فورستر المتخصص في مجال علم الإدراك المقارن من جامعة ساسيكس في إنجلترا، وهو ليس من المشاركين في أي من الدراستين، أن الاهتمام أو الفضول الاجتماعي مهم من أجل الحفاظ على السمعة الجيدة للشخص. ويوضح أنه بالنسبة للانسان البدائي أو الثدييات الرئيسية الاخرى، قد يترتب على فساد السمعة الحرمان من فرص الحصول على الغذاء أو التزاوج، وقد يؤدي إلى نشوب مواجهات بدنية أو صراعات، وقد يسفر في الحالات المتطرفة إلى النبذ الاجتماعي.
وفي ظل وجود كل هذه المخاطر، تطورت الرئيسيات على أن تراقب بشكل وثيق أفراد المجموعة التي تعيش معها. ويؤكد فورستر لموقع "سايتيفيك أمريكان" أن "الإنسان العصري احتفظ بهذا الحرص على متابعة التفاعلات الاجتماعية للآخرين باعتباره نوع من التكيف التطوري"، بمعنى أن التطفل على شؤون الآخرين ربما يؤتي ثماره في نهاية المطاف.
د ب أ
دراسة حديثة أجريت في الولايات المتحدة تشير إلى أن هذا الدافع ربما يكون في حقيقة الأمر أداة للبقاء على الصعيد الاجتماعي يعود تاريخها إلى ملايين السنين.
ومن أجل التعرف على تاريخ الفضول الاجتماعي لدى الإنسان الأول، أجرت الباحثة لورا لويس اخصائية علم النفس التنموي والمقارن بجامعة كاليفورنيا سانتا باربرا الأمريكية وزملاؤها دراسة على أطفال تتراوح أعمارهم بين أربع وست سنوات، ومجموعة من قرود الشمبانزي البالغة.
وفي إطار التجربة، كان يعرض على الأطفال والقرود مقاطع فيديو يظهر فيها أفراد من نفس النوع سواء بمفردهم أو كمجموعات خلال ممارسة تفاعلات اجتماعية .
وأظهرت النتائج التي نشرتها الدورية العلمية Proceedings of the Royal Society المعنية بالأبحاث العلمية أن الأطفال والقرود على حد سواء كان يهتمون بمشاهدة أقرانهم في خضم التفاعلات الاجتماعية بدلًا من رؤيتهم بشكل فردي، حتى لو كانت مشاهدة المقاطع التي يظهر فيها هؤلاء الأقران بشكل فردي سوف يترتب عليها الحصول على مكافآة.
تقول لويس إن "نتائج هذه التجربة تثبت أن اكتساب المعلومات الاجتماعية ينطوي على أهمية بالنسبة للانسان ورتبة الرئيسيات من الثدييات"، مضيفة في تصريحات لموقع "ساينتفيك أمريكان" المتخصص في الأبحاث العلمية: "كشفت الدراسة أن المعلومات الاجتماعية كانت لها أهميتها أيضًا لأسلافنا الذين عاشوا قبل نحو 25 مليون سنة، وأن جمع المعلومات بشأن الأشخاص المحيطين بنا كان عادة تكيفية للرئيسيات منذ ملايين السنين".
ولاحظ الباحثون نمطا سلوكيا آخر لدى الأطفال وليس لدى القرود، وهي أنه مع تقدم السن، يبدي الفتيان اهتمامًا متزايدًا برؤية مشاهد الصراع الاجتماعي مثل الشجار أو تجاذب اللعب على سبيل المثال، أو عندما يبكي طفل ويصرخ آخر، أما الفتيات، فيتزايد اهتمامهن بالتفاعلات الاجتماعية الإيجابية مثل مشاهد اللعب واللهو أو تمشيط الشعر، ويفترض الباحثون أن هذه النتائج تسلط الضوء على اختلاف أنماط التنشئة الاجتماعية التي يتأثر بها كل نوع والضغوط المقترنة بالنشوء لاسيما لدى البشر.
وخلصت الدراسة إلى أن كل من الأطفال وقرود الشمبانزي يجدون المعلومات الاجتماعية عن الآخرين مجزية، ويستخدمون قدراتهم المعرفية لتهيئة الظروف من أجل الحصول على أكبر قدر من هذه المعلومات وتصنيفها حسب أهميتها، وأن هذه القدرات والمهارات يمكن اكتسابها عن طريق التكيف، وأنها تساعد على اكتساب المهارات الاجتماعية وتعلم آليات اتخاذ القرار وتكوين الروابط الاجتماعية.
وأكَّد الباحثون أن الفضول الاجتماعي له جذور ارتقائية وتنموية عميقة لدى القردة العليا، وربما يكون قد دعم تطور علاقات التعاون بين البشر في المجتمعات ذات السمات الاجتماعية المتطورة.
وركزت دراسة أخرى حديثة نشرتها الدورية العلمية Animal Cognition المعنية بأبحاث القدرات العقلية للحيوان والإنسان على سلوكيات مراقبة الأقران لدى قردة الماكاي ، وتلاحظ أن ذكور وإناث قرود الماكاي تبدي اهتماما أكبر بمشاهدة مواقف التفاعلات المشوبة بالعنف أكثر من التفاعلات السلمية، وأنها ركزت بشكل أكبر على مقاطع الفيديو التي يظهر فيها قرود معروفة لها .
وذكرت رئيسة فريق الدراسة ليسبيث شتيرك اخصائية علم الرئيسيات في جامعة أوتريشت الهولندية أن هذا السلوك الأخير يتشابه مع طريقة اهتمام البشر بالحياة الاجتماعية للأشخاص المعروفين، سواء كانوا من أفراد الأسرة أو الأصدقاء أو الشخصيات العامة المعروفة مثل نجوم السينما.
وأضافت في تصريحات لموقع "ساينتفيك أمريكان" أن الاهتمام بالتفاعلات الاجتماعية المشوبة بالعنف يعكس على الأرجح الاهتمام بمتابعة التغيرات في موازين القوة والهيمنة في المحيط الاجتماعي للشخص والتعرف على أي مؤشرات تعكس التهديدات المحتملة .
وأشارت إلى أن هذا الاهتمام يظهر لدى البشر في متابعة أحداث الصراعات على وسائل الاعلام، وأكدت أن "متابعة موازين القوى داخل الدائرة الخاصة بكل شخص لها أهمية كبيرة بالنسبة للرئيسيات بما في ذلك البشر".
ويقول الباحث جيليان فورستر المتخصص في مجال علم الإدراك المقارن من جامعة ساسيكس في إنجلترا، وهو ليس من المشاركين في أي من الدراستين، أن الاهتمام أو الفضول الاجتماعي مهم من أجل الحفاظ على السمعة الجيدة للشخص. ويوضح أنه بالنسبة للانسان البدائي أو الثدييات الرئيسية الاخرى، قد يترتب على فساد السمعة الحرمان من فرص الحصول على الغذاء أو التزاوج، وقد يؤدي إلى نشوب مواجهات بدنية أو صراعات، وقد يسفر في الحالات المتطرفة إلى النبذ الاجتماعي.
وفي ظل وجود كل هذه المخاطر، تطورت الرئيسيات على أن تراقب بشكل وثيق أفراد المجموعة التي تعيش معها. ويؤكد فورستر لموقع "سايتيفيك أمريكان" أن "الإنسان العصري احتفظ بهذا الحرص على متابعة التفاعلات الاجتماعية للآخرين باعتباره نوع من التكيف التطوري"، بمعنى أن التطفل على شؤون الآخرين ربما يؤتي ثماره في نهاية المطاف.
د ب أ