• ×
الأربعاء 9 يوليو 2025 | 07-08-2025

الملكية الفكرية .. حقوق خاصة وخطوط حمراء لا تقبل التجاوز

الملكية الفكرية .. حقوق خاصة وخطوط حمراء لا تقبل التجاوز
0
0
الآن - نعيش في زمن تتسارع فيه وتيرة الابتكار وتزداد فيه أهمية الاقتصاد المعرفي، وتبرز الملكية الفكرية بوصفها أحد أعمدة التنمية الحديثة، وأداة لحماية الإبداع وصون الحقوق.
ومع اتساع نطاق الإبداع في مجالات متعددة من الأدب والفن والتكنولوجيا والبرمجة والتصميم، بات من الضروري التوقف أمام هذه المنظومة القانونية والأخلاقية التي تُعرف باسم “الملكية الفكرية”، باعتبارها حقوقًا خاصةً لا تقبل التهاون، وخطوطًا حمراء لا يجوز تجاوزها.

الملكية، حقٌ أصيلٌ لصاحب الفكرة ، لاتتعلق فقط بالحفاظ على منتج مادي، بل تمتد لحماية كل ما ينتجه العقل البشري من ابتكارات واختراعات وأعمال أدبية وفنية، وعلامات تجارية وتصاميم صناعية، وحتى البرمجيات والأسرار التجارية. فهي تمنح لصاحب الإبداع حقًا قانونيًا أصيلًا في التحكم في كيفية استخدام منتجه، ومنع الآخرين من نسخه أو استغلاله دون إذن أو ترخيص ، والتعدي عليها ليس مجرد إساءة أخلاقية، بل انتهاك قانوني صريح يعرض مرتكبه للمساءلة القضائية.
ومن الأمثلة الشائعة: نسخ الكتب أو المواد التعليمية ، إعادة نشر الصور والفيديوهات المحمية، تقليد المنتجات والعلامات التجارية، أو استغلال البرمجيات دون تراخيص رسمية.
كل ذلك يعد خرقًا للقانون المحلي والدولي، وينتهك حقّ المبدع الذي أنفق من وقته وجهده وموارده ما يستحق عليه الحماية.
ورغم وجود تشريعات محلية قوية واتفاقيات دولية مثل اتفاقية “تريبس” (TRIPS) واتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية، إلا أن الفجوة بين القانون والتطبيق لا تزال قائمة، ما لم يُقابل ذلك بوعي مجتمعي واسع بأهمية احترام هذه الحقوق .
والجهات التشريعية والمؤسسات التعليمية والإعلامية تقوم بدور محوري في نشر ثقافة الملكية الفكرية، والتأكيد على أن الإبداع لا يستمر دون حماية، وأن التساهل في سرقة الأفكار يعادل في خطورته سرقة الممتلكات.
العصر الرقمي فرض تحديات جديدة على حماية الملكية الفكرية، حيث بات نسخ المحتوى وتداوله يتم في ثوانٍ عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية ، وهنا تبرز الحاجة إلى أدوات تشريعية ورقابية متطورة تواكب ذلك ، إلى جانب تعزيز دور التكنولوجيا في رصد الانتهاكات وملاحقة مرتكبيها.
احترام الملكية الفكرية لا يخدم الفرد وحده، بل يحمي بيئة الإبداع الوطني والدولي، ويضمن استمرار عجلة التطور في مختلف المجالات ، فالمجتمعات التي تُقدّر الأفكار وتحمي أصحابها، هي ذاتها المجتمعات التي تُنتج وتُصدّر وتتنافس عالميًا.

دور المملكة العربية السعودية في حماية الملكية الفكرية ..

انطلاقًا من رؤيتها الوطنية 2030، وضعت المملكة حماية الملكية الفكرية ضمن أولوياتها الاستراتيجية، إدراكًا لأهمية الابتكار والإبداع في بناء اقتصاد معرفي مستدام ، حيث أنشأت لهذا الغرض الهيئة السعودية للملكية الفكرية (SAIP) لتتولى تنظيم وتسجيل وحماية الحقوق المرتبطة بالمؤلفين والمخترعين والعلامات التجارية والمصممين وغيرهم من أصحاب الابتكار.
وعلى الصعيد الدولي، انضمت المملكة إلى أكثر من 20 اتفاقية دولية معنية بحماية الملكية الفكرية، أبرزها ؛ اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية ، اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية ، اتفاقية تريبس (TRIPS) ضمن منظمة التجارة العالمية ، معاهدة التعاون بشأن البراءات (PCT) ، معاهدة الويبو بشأن حق المؤلف (WCT)
كما قامت بتحديث تشريعاتها الوطنية، فأصدرت أنظمة حديثة لحقوق المؤلف والعلامات التجارية وبراءات الاختراع، وأطلقت منصات إلكترونية لتسهيل التسجيل والرقابة، إلى جانب حملات توعوية تهدف لرفع مستوى الوعي المجتمعي بأهمية احترام الملكية الفكرية.
ويؤكد هذا التوجه أن المملكة تمضي بثقة نحو بناء بيئة تشريعية واقتصادية حاضنة للإبداع ومُحفّزة للاستثمار، وفق أعلى المعايير الدولية .

الملكية الفكرية ليست رفاهية قانونية، بل حق إنساني واقتصادي وأخلاقي، يجب أن يحظى بالحماية والاحترام، تمامًا كما نحمي المال والعرض والمكانة .